المشاركات

وحي قلم الرافعي و - بلاغة العيّ

هُنالك صور يعيشها الانسان لايستطيع أن يصفها لأحد ، تذهب اللغة مصطحبة الكلمات معها مرددة تقول :  "لا طاقة لي بذلك" !  فأنا لا أصف إلا العادي ولا أثني إلا على الطبيعي  أما ما يفوق الوصف والخيال والفكر فليس لي عليه سلطان !  فأقف شاخص العينين في وحي قلم الرافعي لا أجد طريقة أصفه بها ، يتحدث عقلي بكلمات متفرقة لايستطيع لساني نضمها ، ، وأرى في إنتقاء الالفاظ قصور في وصف هذا الجمال فأقف في مشهد عياء بليغ . 

أحاديث مع الموتى

  هل سمعت عن رجلًا يحادث الموتى ؟ يشاركهم الطاولة والشاي والحديث ؟ هذه رحلتي مع الكتب والقراءة ، رحلة كان نصفها من الخيال ونصفها واقع محسوس ، فقد كان ولازال من عاداتي القرائية أن أتخذ من مؤلف الكتاب صديقًا ، يحاورني بفكرته وقصته ومعلومته ، كُل كِتاب وماهيته التي اختارها له مؤلفه ، فقد صاحبت أحمد أمين وحاولت إضحاكه وهالني بجديته ، وأمسكت يد طه حسين أقوده في طرقات القاهرة حتى أشاركه آلام أيامه ، ودخلت زنزانة علي بيغوفيتش وقرأت أوراق كان يصب فيها عصارة أفكاره وتأملاته ، وكنت أحضر أمسية شعرية فيها المتنبي وشابًا في فجر عمره يُسمّى طَرفَه بن العبد ، والجواهري زاده الشيب جلالًا معتمرًا قبعته مميلًا رأسه ينشدني قصيدة مطلعها :  أقولُ مَلِلْتها .. وأَعودُ شوقاً كأني ما عَشِقْت .. ولا ملِلْتُ ويدعوني صديقي علي الطنطاوي في بيت من بيوت دمشق القديمة لا تلتقط أذناي شيئًا سوى خرخرة مياة البركة ونبرة الطنطاوي الشاميه الرقيقة ، وكان يحدثني من " أحاديث نفسه " صفحة بصفحة حتى فُجعت بعنوان مقالًا من مقالاته وحديث من أحاديثه التي كتمها في نفسه وبثها لي في هذا الكتاب ، فكانت أول جملة في هذا المقال ...

حياة بِلا غايات.. خيرًا منها الممات

صورة
  ‏ في زمن أصبح غاية المجتمعات والأفراد فيه هي المادة وجني الأرباح غفل الناس وأخص بذلك الشباب من الجنسين عن غاية أسمى من المادة ألا وهي غاية أن تكون عالي الهمة لصنع شيء لك ، أن تكون فخوراً بنفسك وأنت بين الناس ، أن تخلد اسمك بعد موتك في أي مجال كنت أنت فيه، فصنع المجد ليس حصراً على فئه من البشر دون الآخرين ، وليست محدودة بعمر معين تنتظر أن تصل إليه ، ولا ظروف تنتظر أن تتهيأ..ولنا في الشاعر الجاهلي " طرفة بن العبد" مثال في صنع ألأثر وتخليد الأسم في ذاكرة الأجيال.. فقد عاش يتيمًا، توفي أباه وهو طفل و أساء أعمامه تربيته وكان معدماً فقيراً، هذه ظروفه أما ما أنجزه هذا الشاعر فأبيات سرت مسرى الحكمة عند العرب قديماً وحديثاً.. وهو القائل يصف إقدامه على ألأمور وعُلو همته : ‏" إذا القوم قالُو من فَتى خِلتُ أَنَّنِي ●● عُنِيتُ فلم أكسل وَلَم أتَبَلَّدِ ‏أنا الرَّجل الضَّرب الذي تَعرفونهُ ●● خَشَاشٌ كَرَأسِ الحيّة المتوقدِ ‏فإن مُتُّ فَانعَيني بما أنا أَهله ●● وشُقّي علي الجيب يا ابنَه معبدِ ‏ولا تجعليني كامرِىءٍ ليس همّهُ ●● كَهَمّي ولا يغني غنائي وَمَشهدِي" ‏• وكان له إبن عم ...

العتمة والنور

صورة
  الجاهلية والإسلام العُتمة والنور الظلال والهداية.. نحمد الله أن خلقنا مسلمين له من غير حول مِنا ولا قُوة ، لو تفكرنا قليلًا في حال غير المسلمين من مختلف الديانات لوجدنا أننا في نعمة عظيمة منّ الله بها علينا ألا وهي نعمة الإسلام ، الإسلام رحمة من الله للمسلمين يدلهم على الطريق الصحيح ويغير نظرتهم للحياة لأجل أن يفهموها على حقيقتها، وفضلنا الله به على كثير من الأمم ، ولإيضاح أثر الإسلام على الأنسان نتذكر الفاروق عمر رضي الله عنه عندما كان يعبد صنمًا من تمر وعندما يجوع يأكله، نتذكر بلال كيف كان قبل الإسلام وكيف أصبح بعد الإسلام ونال شرف أن يكون أول مؤذن في الإسلام ، الخنساء كذلك مات أخيها في الجاهلية وكتبت الشعر وناحت سنين بل أنها كانت قد نذرت أن تحلق شعرها ، كل هذا لأجل أخًا واحدًا، وبعد إسلامها قُتل أبنائها الأربعة في معركة القادسية وكان ردة فعلها أن حمدت الله واسترجعت ولم تذرف دمعة واحده ، عِلمت أن الموت بالإسلام والشهادة خير من أن يبقون على قيد الحياة ..،  خلاصة قولي هي أن الصنم هو الصنم وبلال لم يتغير لونه وفراق الأحبة وهو نفسه ، ولكن عمر بعد الإسلام ليس عمر قبل الإسلام ، ...

العهد الأعظم

صورة
العهود لدى البشر الانقياء مقدسة لعلمهم أن عدم الوفاء بها رذيلة ، فنجد بعض غير المسلمين يُعرف عنهم وفائهم بعهودهم رغم عدم دفع الوازع الديني لهم فالفطرة تقودهم لفعل الخير وتكريم انفسهم عن رذائل الأمور ، أما المسلمين فإن دينهم يحثهم بل يأمرهم بالوفاء بالعهود حتى مع أعداء هذا الدين !  و يا لعظمة دينًا ينصف حتى أعدائه ، أما حديثي اليوم فهو عن عهد أعظم من عهود البشر فيما بينهم..  أنه العهد الذي بين العبد وربه   ﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ  ﴾  عند توبتك وعند مصيبتك التي حلت بك وعند همك الذي تغشاك كنت قد عاهدت الله على أن تعود له ولا تعود لما كنت عليه من تضييع لأوامره ، فهل التزمت بعهدك ؟  أمرك الله بعدم خيانة عهدك مع الناس فما بالك بعهدك مع رب الناس؟ لا خاسر من عدم وفائك بعهدك سِواك ولا رابح إلا أنت.